سورة الطور - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطور)


        


{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)}
{وأمددناهم بفاكهة وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ} أي وزدناهم على ما كان لهم من مبادىء التنعم وقتًا فوقتًا مما يشتهون من فنون النعماء وألوان الآلاء، وأصل المدّ الجر، ومنه المدّة للوقت الممتد ثم شاع في الزيادة، وغلب الإمداد في المحبوب، والمدّ في المكروه وكونه وقتًا بعد وقت مفهوم المدّ نفسه.


{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)}
{يتنازعون فِيهَا كَأْسًا} أي يتجاذبونها في الجنة هم وجلساؤهم تجاذب ملاعبة كما يفعل ذلك الندامى بينهم في الدنيا لشدة سرورهم قال الأخطل:
نازعته طيب الراح الشمول وقد *** صاح الدجاج وحانت وقعة الساري
وقيل: التنازع مجاز عن التعاطي، والكأس مؤنث سماعي كالخمر، ولا تسمى كأسًا على المشهور إلا إذا امتلأت خمرًا أو كانت قريبة من الامتلاء، وقد تطلق على الخمر نفسها مجازًا لعلاقة المجاورة، وقال الراغب: الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأسًا، وفسرها بعضهم هنا بالإناء بما فيه من الخمر، وبعضهم بالخمر، والأول: أوفق بالتجاذب، والثاني: بقوله سبحانه: {لاَّ لَغْوٌ فِيهَا} أي في شربها حيث لا يتكلمون في أثناء الشرب بلغو الحديث وسقط الكلام {وَلاَ تَأْثِيمٌ} ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله أي ينسب إلى الإثم لو فعله في دار التكليف كما هو ديدن الندامى في الدنيا وإنما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام، وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو {لاَّ لَغْوٌ} {وَلاَ تَأْثِيمٌ} بفتحهما.


{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)}
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} أي بالكأس {غِلْمَانٌ لَّهُمْ} أي مماليك مختصون بهم كما يؤذن به اللام ولم يقل غلمانهم بالإضافة لئلا يتوهم أنهم الذين كانوا يخدمونهم في الدنيا فيشفق كل من خدم أحدًا في الدنيا أن يكون خادمًا له في الجنة فيحزن بكونه لا يزال تابعًا، وقيل: أولادهم الذين سبقوهم فالاختصاص بالولادة لا بالملك، وفيه أن التعبير عنهم بالغلمان غير مناسب وكذا نسبة الخدمة إلى الأولاد لا تناسب مقام الامتنان {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} مصون في الصدف لم تنله الأيدي كما قال ابن جبير ووجه الشبه البياض والصفاء، وجوز أن يراد كنون مخزون لأنه لا يخزن إلا الحسن الغالي الثمن، أخرج عبد الرزاق. وابن جرير. وابن المنذر عن قتادة قال: بلغني أنه قيل:«يا رسول الله هذا الخادم مثل اللؤلؤ فكيف بالمخدوم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده إن فضل ما بينهم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» وروي: «أن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجىء ألف ببابه لبيك لبيك».

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11